موضوع: معاناة المغتربين من وطنهم الإثنين يوليو 26, 2010 2:24 am
إهداء :أكتب هذه الكلمات إيناساً لكل مغترب بعيدٍ عن وطنه وأهله ، يعاني لظى الغربة وشدتها ، وتطارده مجموعة من التصورات والأفكار الخاطئة من أقربائه في وطنه !
بداية أقول : إن المغترب ما ترك وطنه كي يتنزه في الخليج أو يسيح في أمريكا ! بل ترك وطنه ليبحث عن فرص أخرى في الحياة السعيدة انعدمت أو تكاد في وطنه ( السعيد سابقاً )، كيف لا ووطنه يعاني من الفساد في معظم أركانه !
يترك المغترب وطنه ويترك فيه قلبه ومشاعره ، ويذهب لبلاد أخرى وإن كانت قريبة إلا أنها ليست وطنه التي فيها ترعرع وصار فيها من مصاف الرجال .
تبدأ معاناته في كيفية الوصول لذلك البلد ، فيبيع ما يملك ويستلف ممن يعرف ولا يعرف ، وقد يحاول أن يتهرب إلى هناك ، كل ذلك بُغية الهروب من الواقع المر الأليم والوصول لحياة أفضل لعله من خلالها أن تتغير حياته وحياة أهله المادية . وما إن يصل إلى تلك البلاد ، حتى يبدأ خاطر الشوق لأهله وأحبته فيهيم بالاتصالات عليهم علَّ ذلك أن يخفف من لوعة الفراق وألم البعد عنهم .
( فاصل :أذكر وأنا طفل عند سفري للغربة مع أهلي كيف كنت أرى أحلاماً عديدة أشتاق فيها لوطني وأهلي )
ويبدأ في البحث عن عمل في ظل بلد لا يعرف للفوضى مكانا فالتنظيم له منهجا وعنوانا ، وبالكاد يجد ما يسمى عمل فيعمل بجد واجتهاد ، وتبدأ الأحلام الوردية تغازله ؛ فماذا سيعمل بأول راتب هل يقضي طابور المدنيين في وطنه ، أم يرسل لأهله أم يجمع ليبني البيت أم يقتصد ليتزوج أم ... كل هذا وهو بلا إقامة !
فالإقامة هي كلمة السر في الغربة ، فبدونها لست إنساناً ، إذ لا تستحق البقاء في وطنٍ ليس وطنك حتى وإن كانت تدين بدينك وتتحدث بلغتك !، وهنا يعيش المغترب حالةً من الخوف والذعر دائمين مادام غريباً في وطن ليس وطنه ! فما إن يسمع عن مجيء أفراد الجوازات والإقامة حتى يسابق الريح خوفاً من القبض عليه حتى لا يعاقب بالعودة إلى الوطن !
حتى أولائك الذين لديهم ذلك الدفتر ( الإقامة ) ليسوا بأحسن حال منه ، فهم أخوف منه على أنفسهم إذ يعولون أسراً بأكملها وسرقة (أفريقي ) لإقامتهم يعني ضياع تلك الأسر وتشردها في الغربة .
وهم بين مدارس لا تقبل أبناءهم ومستشفيات لا تستقبلهم ومصاريف دنيوية لا ترحمهم من الإيجارات ومصروف البيت وفواتير الخدمات ، وضيافات الأهل الآتين من الوطن !
إن ما سبق هو فيضٌ من غيض لما يعانيه المغترب في الغربة ، ووالله يا ناس يا عالم يكفي أنه مغترب عن وطنه وأهله . إلا أنه في الضفة الأخرى ( الوطن ) يرتقبه أهله بالحوالات العاجلة والاتصالات الدائمة إليهم ، إذ أن عدم اتصاله بهم يعني تكبره عنهم (فجواله المفترض أنه رصيده لا ينضب)، وعدم إسعافهم بالمال يعني بخله وغروره بغربته وبما وجد من الدرر والجواهر في بستان الغربة !
حتى إذا حنَّ لوطنه ومن فيه فأراد الوفاء له ؛ سافر فأنفق جميع ما يملك أو قريبا منه في الهدايا والملابس لفلان وفلانة وأبناءهم وحواشيهم وآلهم ؛ إذ من العار والعيب ( وماذا سيقول علينا الناس )أن يعود للوطن ويده خالية مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين !
وإذا لم يأتي بذلك لم يسلم من لسان فلانة وفلان ، اللذين لن يبخلا بسكب كل ما بجعبتهما من صديد الحسد وتحرشات الكلام !
بل ويُنادى في وطنه باسم تلك الدولة التي هاجر إليها ، وكأنه أخذ الجنسية منها وأصبح يرتع في نعيمها . إن هذه النظرة الخاطئة والتصورات الغير منطقية عن المغترب لتصيبه بالإحباط والعقد النفسية من أهله ووطنه ، عندما يرى أقربائه يظلمونه قبل حساده الذين أكلهم الغيظ عند هجرته لهم وبقائهم دونه في لظى الوطن ! ومهما قدم ذلك المغترب لأقربائه وأهله وآلهم فلن يرضوا عنه؛ إذ لا يساورهم أدنى شك أن عنده الكثير والكثير ولم يقدم لهم إلا قليل القليل .
مع أن المفترض أن المغترب هو من يتلقى الدعم والعون من أهله والدعاء من ذويه ومحبيه ،في ظل ما يواجهه ويعاركه في الغربة من قسوة الماديات ، وصنوف الفتن والملهيات !
خاتمة :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على المرء من وقع الحسام المهند
موضوع: رد: معاناة المغتربين من وطنهم الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 12:51 am
أتمنــــى لكـ من القلب .. إبداعـــاً يصل بكـ إلى النجـــوم . . سطرت لنا أجمل معانى الحب بتلك الردود الشيقة التي تأخذنا إلى أعماق البحار دون خوف بل بلذة غريبة ورائعة دمت لنا ودام قلمك